شماعة الديمقراطية

من طرف Eihab 10/30/2010, 1:31 am

فيصل القاسم : شماعة الديمقراطية

كم من الجرائم تُرتكب باسمك أيتها الديمقراطية؟! كم من المخططات الدنيئة والمؤامرات المفضوحة تمرّ على جثتك أيتها المسكينة؟! فباسمك أصبحوا ينهشون العالم ويسبونه. باسمك يقيمون إمبراطوريتهم ويطوقون العالم كما تطوق الأفعى فريستها. باسمك يتدخلون في معتقدات الأمم ودياناتها. باسمك يخربون الأوطان، ويحرقون الأخضر واليابس، ويكررون فظائع المغول والتتار، ويدنسون المقدسات والمحرمات والكرامات، ويلغون الهويات، ويزيلون التاريخ، ويمحون ذاكرة الشعوب، ويمزقون البلدان إرباً إرباً، ويجيشون الجيوش، ويطلقون العنان للوحوش. كلّ ذلك وأكثر يجري تحت لافتاتك وشعاراتك البراقة أيتها الديمقراطية اللعينة. كم أصبحتِ كلمة بذيئة ومفردة رديئة ومثاراً للسخرية والتهكم وعنواناً للخطيئة ؟! ولو كنت مكانك أيتها الديمقراطية السليبة لرفعت الدعوى تلو الأخرى ضدّ من أهانوك وهتكوا عرضك وعرض الذين خلفوك؟. لقد ابتكرك المفكرون والمنظرون لتكوني مخلّصة للبشر من نير البشر، لكنّك غدوت في زمن رعاة البقر مطيّة سوداء لتحقيق الغايات والمقاصد الدنيئة. آه لو كان أرسطو حياً وشاهد كيف أن إحدى بنات أفكاره قد غدت حصاناً من أحصنة طروداة التي كان يستخدمها أهله الإغريق لتنفيذ عملياتٍ ظاهرها حصان رشيق وباطنها دمار محيق! آه وألف آه!

لا أريد أن يفهم أحد أنّني من أعداء الديمقراطية، فهي أفضل ما تفتق عنه فكر البشر حتى الآن لحكم الإنسانية، وهي التي أوصلت الغرب إلى ما وصل إليه من نهضة وتقدم وسؤدد وازدهار، ولكن عندما تصبح الديمقراطية حقاً يُراد به باطل، أو سلاحاً يُستخدم لأغراض رخيصة، فهذه إهانة، لا بل سبّة في جبين كلّ من قال إنّه ديمقراطي. كم تصبح الديمقراطية مبتذلة عندما ترفعها أمريكا والغرب عموماً في وجه كلّ من لا يأتمر بأوامره وإملاءاته! كم هو مضحك أن نرى البيت الأبيض يُشهر عصا الديمقراطية في وجه وكلائه من الدول العالمثالثية، عندما تحاول أن تلعب بذيلها قليلاً، وتمتنع عن تأدية المهمات القذرة الموكلة إليها! لماذا أصبحت الديمقراطية وسيلة للعقاب في يد الإمبريالية الأمريكية تستخدمها كبعبع مخيف للصدمة والترويع؟ ألا نفهم من ذلك أنّ واشنطن غير جادة أبداً في نشر الديمقراطية كما تدعي، وإنما تستخدمها فقط لإرهاب الأنظمة التي تفكّر في الخروج على طاعة البيت الأبيض. وطالما أنّ الطغاة والمستبدين يؤدون واجباتهم المطلوبة أمريكياً على أكمل وجه، فهم آمنون من داء الديمقراطية المميت الذي تهدّد به الإدارة الأمريكية.

كم ضحكت علينا أمريكا، ومازالت تضحك؟، وكم صدقنا أكاذيبها، وخاصة تلك المتعلقة بتحقيق الديمقراطية؟! مع العلم بأنّ آخر شيء تتمناه لنا واشنطن انتشار الديمقراطية في العالم الثالث. ولا داعي للتذكير بأنّ أشنع الأنظمة الديكتاتورية وأسوأها في العالم هي من صنع أمريكي مئة في المئة. فكلنا يعرف أنّه من المستحيل أن تسلّم أمريكا مقاليد الحكم للشعوب، وهي التي تكره الأرض التي يمشي عليها الكاوبوي الأمريكي.

هل يُعقل أن تأتي أمريكا بالدب إلى كرمها، كما يقول المثل الشعبي؟ بالطبع لا، فمن الأسهل والأجدى ألف مرة أن تتعامل مع أزلام يحققون لها كلّ ما تريده بمكالمة هاتفية. فلو تحقّقت الديمقراطية في العالم النامي، فهذا يعني أنّ أيّ مطلب أمريكي لا بدّ أن يمرّ عبر البرلمانات المنتخبة التي يمكن أن ترفض تلك المطالب رفضاً قاطعاً.

ألا يمكن أن تكون هذه «الهيصة» الصاخبة والجلبة الهائلة حول فضائل الديمقراطية وضرورتها الملحة، ألا يمكن أن تكون لذرّ الرماد في العيون لا أكثر ولا أقل؟ لماذا أصبحت كلّ وسائل الإعلام، وكلّ المثقفين العرب، وكلّ من مسك قلماً، لماذا راحوا جميعاً يكتبون عن الديمقراطية؟ هل لأغراض نزيهة؟ لاحظوا كيف تستخدم الديمقراطية هنا مرة أخرى للتضليل والتعتيم، بينما يرتكب الغزاة من وراء هذا الستار الدخاني المفضوح كل ما لذّ وطاب لهم من موبقات وسلب ونهب في طول العالم العربي وعرضه.

بكلمتين

كم ضحكت علينا أمريكا، ومازالت تضحك؟، وكم صدقنا أكاذيبها، وخاصة تلك المتعلقة بتحقيق الديمقراطية؟! مع العلم بأنّ آخر شيء تتمناه لنا واشنطن انتشار الديمقراطية في العالم الثالث.

من طرف Sarah 12/15/2010, 9:05 pm

والله جد وبالاخير نقول
اتفق العرب عبى ان لا يتفقوا

شماعة الديمقراطية

شماعة الديمقراطية

رد: شماعة الديمقراطية