بوح الخواطر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لا تمــــوت

اذهب الى الأسفل

لا تمــــوت Empty لا تمــــوت

مُساهمة من طرف الامبراطوره 7/21/2011, 12:35 am

منفي .. هكذا يظن من يراه .. وإلا فلم آثر الوحدة ، ولم أدمن الصمت ولم توقف عن ما عاش لإجله ؟
ربما كان خياره ، وربما لم يكن .. ليس هذا ما يهمك أن تعرفه ،

مثله كثر، لكنه يختلف ، تماما كاختلاف جنات عدن عن حفر السعير ..
من أقرانه من اعتلى هاويات السقوط ، منهم من تملق ، منهم من تعامى وكذب ، منهم من غيب الحقيقة في غيابات الوهم ..
لكنه اختلف عنهم بعشقه ، فقلد أحب بصدق بكل ما يحتويه عوده النحيل من قطرات الحياة ، واستنشق عشقها فاستحالت دفقات قلبه السوداء نورا رقراقا ، فتارة تراه يمشى رشيقا هامسا كرفرفات الفراشات لاتسمع لها صوتا لكن نسيم مار بجوراك يحدثك عن مرسله ..
تارة يفيض حنانا ورفقا , وكثيرا ما باح علما وأدبا ، ولو احتدم تطاول السفهاء تجده قد شمر وكشر ، و ألهب ظهورهم وأرعد فرائسهم هكذا بلا خوف أو أناة أو تردد ، لكنه إذا صدع بحق ، ُنفي وغيب كما تراه اليوم ..
هو يظن أنهم لم ينفوه عن العالم و لا يلتفتون إليه ، وقد تقول ربما لأنه لا يعنيهم .. ربما لأنهم لا يرونه ، لكنه لا يهتم كثيرا بعشواء الافتراض ووسوات التخرص .. فهو يعلم أنهم من نخالة الوحل و دعاة التسفل .. يعلمون نقاط ضعفه جيدا ، حبيبته .. نعم حبيبته يأخذونها .. يغيبونها ويتركوه هكذا في لجج الانتظار ضاربا كف الأمل بكف الدعاء ..
ولو حدثك عنها .. لصمت كثيرا قبل ان يشرع في حديثه . كثيرا ماوصفها بالحبية الوفية و محراب الطهر الذي دائما ما يحتضنه ويؤي إليه ..
يوما إلتقيا كعادتهما لقاء الأحبة ، عانقته ففاض نورا مرسلا .. همت ببوح في صدره ، لكنها لم تتم عذب حديثها .. فلقد فرقوا بينهما وقطعوا أوصال بوحهما .. يالنذالة المفرطة ... ألم يعلموا كيف يكون المحبان حال فراقهما .. ألم يقرأوا في التاريخ - يوما- عن قلوب جنت وأخرى تاهت وضلت وغيرها كبتت فانزوت وقٌتلت ..
ينظر إلى محيط أرضه الأبيض ثم يجيب بأن مثلهم لا يدركون ما يعرف ، لأن لهم قلوب لا يعقلون بها ، أو لافتقارهم لخليلات تبثهم ما تبثه خليلته في جوفه من حديث ..
جاف حلقه ككهوف الصحراء .. أتراه يموت ..أترى تكن هذه نهاية حبه ، أو ولتقل حياته ..
فما عاش إلا ليلتقيها ويصغي لحديثها ثم يترجم ما بثته لقلوب أخرى لعلها تحيا كما حيي !
يراها معلمته ومشردته ونور عينه ، يراها خليلته و رفقيته وحبيبته ، يراها ويملأ برؤياها صدره ويخشى أن يرحل قبل ان يراها ..
لا يتسطيع أن يتقلب يمنة او يسرة .. لا يستطيع التحرك ..
كما آلمه شلله عن الحركة ... وكم أخبرته أن أحاسيسها ترفرف فرحا- إن حملته يوما - كفرحة الأم حين تحمل وليدها ..
كم أخبرها أنه يحزن لإثقاله عليها .. وكم اعتذرت له كونها حملته ما قد لا يطيق ..
كم أشاح عنها لخرس لسانه . وكم ضمته إليها مواسية لإحساسه محفزة لبيانه ..
هكذا كانت تلك العلاقة السامية بينهما .. حب متبادل .. احترام وإجلال و ثقة ، فمن اول يوما رأها أخبرها أنه لا يريد ان يهواها ، فهوى مثلها غواية .. أخبرته أن ليس لمثلها شبيه ممن قد رأهن من قبل ، هم بالكلام فاحتضنته وضغطت على صدره ، فهاجت قطرات الحياة بداخله ، ثم صدقها وشرع في مهمته ..
واليوم يخشى أن يخبروه عن رحيلها عن الدنيا ، فالجلبة في الخارج لا تحدث إلا عندما يأتوا كي يبعدوها عنه .. عندما ترسف في الأسر وهي بالفعل مأسورة فما الجديد ؟
ينظر عاليا إلى مصباح السقف المتأرجح في وجل ، يحاول أن يتذكر بعضا من مقولاتها قبل أن يموت .. فقد علمته الكثير ..
يتلعثم في خرسه .. ينسى .. يهم بالبكاء شوقا لها ..
لكن الباب يفتح .. ينظر إليها .. يراها مقبلة في اشتياق
يخاطبها بعينه أن عانقيني قبل أن أموت ..
تقترب منه في لهفة .. تعانقه بقوة وحنان ...
يغشى عينيه ضباب الفراق .. لكنها تحتويه وتمسح على رأسه برقة ..
تخلف على جبينه قطرات دافئة .. قانية اللون ..
تنتابه إنتباهة الموت ..يهم بسؤالها لم تكسوك الدماء ..
لكنها تحقنه ما يحيه قاطعة سؤاله .. يمتلأ بالسواد .. أتراه الظلم أم ما يرطب جوفه من حياة ..
تعتصره ليس كما اعتاد ، ولكن بقوة ، كما لو كانت تبثه أحاسيسها الأخيرة ..
تحتوية وتضغط على جنبيه وتخبره .. فبيكي حزنا .. ويسطع نورا .. ويهزم رعدا عبوسا ..
يجري فوق الساحة البيضاء يمنة ويسرة .. يعلوا ويهبط .. كمجنون مسه الصرع ... وهي لا تزال في عناقها له ضاغطه ..
ينزف ومن فوقه نزفها .. تحدثه بلا كلمات حديث القلوب فيصغي ويجري و ينزف ..
يزداد وهنه .. ويخف عناقها عنه رويدا رويدا .. تتتغيم الصورة أمامه .. ترتعش هي من فوقه ..
تسقط ويسقط في أحضانها فوق الساحة التي ماعادت بيضاء ..
تغير وضعها من حول جسده وتشير إلى لا مكان في توحد . يسمع من فوقه كلمة لطالما أخبرته أنها ما عانقته أو أحبته إلا أجل هذه الكلمة ..
وما أٌسرت وما فرقوا بينهما إلا من أجلها ..
لا إله إلا الله ..
يسمعها ويبتسم ثم يهوي بين الأنامل التي عشقها قلما شهيدا فوق الورق يغطي جسده دمائها ويغطي حبره النازف أطرافها .

الامبراطوره
عضو ماسي
عضو ماسي

عدد المساهمات : 1048
التقييم : 5
تاريخ التسجيل : 26/06/2011
الموقع : [URL=http://ksa1518.arabform.com][IMG]http://www.arabform.com/img/img_468_60.gif[/IMG][/URL]

بطاقة الشخصية
اليوم:

https://baw7.rigala.net/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى